فعاليّة برنامج إرشادي جمعي قائم على نظرية الذکاءات المتعددة في تنمية مفهوم الذّات المهنيّة لدى طلبة الصف التاسع في محافظة الداخلية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

تهدف الدراسة إلى استقصاء فاعليّة برنامج إرشاد جمعي يستند إلى نظرية الذکاءات المتعددة في تنمية الذات المهنية لدى طلبة الصف التاسع بمحافظة الداخلية في سلطنة عُمان. وشملت عيّنة الدراسة 60 طالبًا وطالبة، بواقع 30 طالبًا وطالبة للمجموعة التجريبية، و30 طالبًا وطالبة للمجموعة الضابطة، حيث خضعت المجموعة التجريبية للبرنامج الإرشادي الجمعي، بينما لم تتلقَ المجموعة الضابطة أيّة معالجة.
اعتمدت الدراسة على المنهج شبه التجريبي، وقد اُستُخدِمَ مقياس مفهوم الذّات المهنيّة الذي أُعدّ لهذه الدراسة. اشتمل مقياس مفهوم الذّات المهنيّة على 51 عبارة، وبلغ معامل الثبات 0.70. وقد أوضحت نتائج التحليل الثنائي Two-ways ANOVA عن وجود فروق دالة إحصائيًّا في القياس البعدي بين المجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية لصالح المجموعة التجريبية، کما بيّنت النتائج عدم وجود فروق بين الذکور والإناث في مستوى إدراک مفهوم الذّات المهنيّة، ووجود تفاعل بين النوع الاجتماعي والمجموعة.
وکشفت نتائج اختبار "ت" t-test للمجموعات المترابطة وجود فروق دالة إحصائيًّا بين القياس القبلي والبعدي للمجموعة التجريبية لصالح القياس البعدي، وأظهرت النتائج عدم وجود فروق دالة إحصائيًّا بين القياس البعدي وقياس المتابعة مما يدلّ على فاعلية البرنامج

الكلمات الرئيسية


فعالیّة برنامج إرشادی جمعی قائم على نظریة الذکاءات المتعددة فی تنمیة مفهوم الذّات المهنیّة لدى طلبة الصف التاسع فی محافظة الداخلیة

د. سعاد بنت محمد بن علی سلیمان اللواتیة   (کلیة التربیة/ جامعة السلطان قابوس)

د. عبدالحمید سعید حسن    (کلیة التربیة/ جامعة السلطان قابوس)

سعید بن سیف بن حمید العامری    (وزارة التربیة والتعلیم/ سلطنة عمان)

ملخص الدراسة

تهدف الدراسة إلى استقصاء فاعلیّة برنامج إرشاد جمعی یستند إلى نظریة الذکاءات المتعددة فی تنمیة الذات المهنیة لدى طلبة الصف التاسع بمحافظة الداخلیة فی سلطنة عُمان. وشملت عیّنة الدراسة 60 طالبًا وطالبة، بواقع 30 طالبًا وطالبة للمجموعة التجریبیة، و30 طالبًا وطالبة للمجموعة الضابطة، حیث خضعت المجموعة التجریبیة للبرنامج الإرشادی الجمعی، بینما لم تتلقَ المجموعة الضابطة أیّة معالجة.

اعتمدت الدراسة على المنهج شبه التجریبی، وقد اُستُخدِمَ مقیاس مفهوم الذّات المهنیّة الذی أُعدّ لهذه الدراسة. اشتمل مقیاس مفهوم الذّات المهنیّة على 51 عبارة، وبلغ معامل الثبات 0.70. وقد أوضحت نتائج التحلیل الثنائی Two-ways ANOVA عن وجود فروق دالة إحصائیًّا فی القیاس البعدی بین المجموعة الضابطة والمجموعة التجریبیة لصالح المجموعة التجریبیة، کما بیّنت النتائج عدم وجود فروق بین الذکور والإناث فی مستوى إدراک مفهوم الذّات المهنیّة، ووجود تفاعل بین النوع الاجتماعی والمجموعة.

وکشفت نتائج اختبار "ت" t-test للمجموعات المترابطة وجود فروق دالة إحصائیًّا بین القیاس القبلی والبعدی للمجموعة التجریبیة لصالح القیاس البعدی، وأظهرت النتائج عدم وجود فروق دالة إحصائیًّا بین القیاس البعدی وقیاس المتابعة مما یدلّ على فاعلیة البرنامج.

الکلمات المفتاحیّة: برنامج إرشاد جمعی، تنمیة الذّات المهنیّة، الذکاءات المتعددة.


Abstract

                                                                              

This study aimed to investigate the effectiveness of a group counseling program based on the Theory of Multiple Intelligences in the Career-self development of grade nine students in the Al Dakhiliya Governorate in Oman. The study covers a sample of 60 male and female students of which (n=30) of them were in the experimental group, and the other (n=30) were as the control group. The experimental group experienced the group counseling program, while the control group have not received any counseling program.

 

Quasi-experimental design was used in this study the Career-Self Concept scale was developed to the participants. The Career-Self Concept Scale consisted of 51 statements, and the reliability coefficient was 0.7. The results of the Two-ways ANOVA analysis showed that there were significant differences in the posttest between the control and experimental groups. The results of the study also showed that there were no significant differences in the Career-Self concept perception between the male and female students.

 

 Furthermore, the results of the t-test analysis for the interrelated groups, showed statistical significant differences in the pre and the post test for the experimental group for the post test. The results showed that there are no significant differences in the level of post test and follow up test which indicated the effectiveness of the program developed.

 

Keyword: group counselling program, Career-self development, Multiple Intelligences.

 

فعالیّة برنامج إرشادی جمعی قائم على نظریة الذکاءات المتعددة فی تنمیة مفهوم الذّات المهنیّة لدى طلبة الصف التاسع فی محافظة الداخلیة

د. سعاد بنت محمد بن علی سلیمان اللواتیة   (کلیة التربیة/ جامعة السلطان قابوس)

د. عبدالحمید سعید حسن    (کلیة التربیة/ جامعة السلطان قابوس)

سعید بن سیف بن حمید العامری    (وزارة التربیة والتعلیم/ سلطنة عمان)

المقدمة:

إن اختیار الفرد لمهنته لا بُدّ أن یتم عن قناعة، وهذه القناعة تنبع من خلال ملاءمة میول الفرد، وقدراته، ومهاراته، وسماته الشخصیة للمهنة التی اختارها، فالتوجیه والإرشاد المهنی هو عملیة مساعدة الفرد على اتخاذ القرار المهنی السلیم وفق استعداداته، ومیوله، وقدراته، ومهاراته، وسماته الشخصیة (زهران، 1998). وتتمثل أهداف التوجیه المهنی فی دراسة تغیرات سوق العمل، وتوسیع المعرفة لبناء المهارات والقدرات، واکتشاف المیول، وتحسین مهارات اتخاذ القرار، وبناء الذّات (Conger, Hiebert & Hong-Farell, 1994) وغیرها من الأهداف التی تؤدی إلى الاختیار المهنی السلیم.

ویمکن أن تقدّم خدمة التوجیه والإرشاد المهنی فی صورة برامج تدریبیة، واستشارات مهنیة، وکذلک برامج للإرشاد الفردی والجمعی. فالإرشاد الجمعی هو تقدیم مناخ آمن للأعضاء یمکّنهم من استکشاف مشاعرهم وخبراتهم، ومساعدتهم على أن یصبحوا منفتحین على الخبرات الجدیدة وتطویر الثقة بأنفسهم (کوری، 2016).

ویؤکد جازدا (Gazda, 1978) إلى أن برامج الإرشاد الجمعی تهدف إلى توفیر فرص نمائیة من خلال تزوید المسترشدین بالحوافز والدوافع؛ لإحداث تغیّرات إیجابیة فی حیاتهم من خلال قیامهم بالتصرفات والإجراءات التی تحقق لهم الحد الأقصى من النمو الذاتی، والوصول إلى طاقاتهم من خلال سلوکات تؤدی إلى تحقیق الذات؛ حیث إن برامج الإرشاد الجمعی تخلق بیئة تسمح للفرد بأن یرى صورة ذاته من خلال الجماعة (الخواجة، 2010).

وتنقسم مجموعات الإرشاد الجمعی إلى مجموعات نمائیة، ومجموعات تعلیمیة، ومجموعات علاجیة، وقد تشمل نوعین فی آن واحد، ویعتمد ذلک على أهداف المجموعة الإرشادیة (کوری، 2016). وقد تستند برامج الإرشاد الجمعی على أسس ونظریات؛ لتدعمها ولتستمد منها الأنشطة والإستراتیجیات المناسبة، وقد تم اختیار نظریة الذکاءات المتعددة کأساس نظری یدعم الدّراسة؛ وذلک لأهمیة هذه النظریة فی الإرشاد المهنی، ولعدم وجود برامج إرشاد جمعی مهنی استندت على هذه النظریة رغم أهمیتها فی الإرشاد المهنی.

إن أهمیة نظریة الذکاءات المتعددة Multiple Intelligences تکمن فی معرفة جوانب القوة والضعف فی الذکاءات المتعددة لدى الفرد، وهذا یساعده على تحدید میوله واهتماماته، بالإضافة إلى أنها تساعده فی وضع خطة لتنمیة مهاراته فی المجال الذی یبدع فیه. کما أن الذکاءات المتعددة تساعد المرشد على وضع تقییمات خاصة بالمسترشدین (Shearer, 2009) من خلال تحدید مستویاتهم، ومدى تمیزهم فی کل ذکاء من الذکاءات الثمانیة (اللغوی، والمنطقی، والحرکی، والبصری، والموسیقی، والبینشخصی، والضمنشخصی، والطبیعی).

تنفق الحکومات فی الدول الکثیر من الأموال؛ لتوفیر الأدوات والوسائل التعلیمیة من أجل التعلیم الذی یهدف إلى خلق جیل قادر على العمل، ولکن هذا لا یکفی ما لم ننمِّ فی طلابنا وطالباتنا مفهوم الذات المهنیّة، وهذا لن یتأتى إلا بإعداد البرامج الخاصة فی مجال التوجیه والإرشاد المهنی. ونحن نلاحظ أن جیل الیوم قد اختلف عن السابق؛ فهو لا یأبه بتنمیة ذاته اعتقادًا منه أن المعرفة کافیة لتحقیق النجاح المهنی فی المستقبل، وأن التحصیل الدراسی المرتفع هو الهدف الوحید الذی یجتهد الطالب فی تحقیقه. فی حین أن هناک أهدافًا أخرى تساعده فی بناء مستقبله أهمها تنمیة الذّات المهنیة.

إن منظومة الذات - التی تعدّ أحد مکونات الشخصیة - لها دور أساسی فی تعدیل السلوک (کیشارد وهیتو، 2008)؛ فهی تتشکل من خلال المعارف التی تعبر عن سیرة الفرد، والخبرات، والمواقف التی یمر بها أثناء محاولاته للتوافق مع البیئة المحیطة به؛ لذا فهی تنمو وتتغیّر نتیجة للتفاعل المستمر مع البیئة (کیشارد وهیتو، 2008؛ خیری، 2014). وحتى یتکون الإدراک السلیم للذات یجب أن لا تکون هناک فجوة بین إمکانیّات الفرد الفعلیّة وفکرة الفرد عن ذاته، ولابد أن یکون هناک اتساق بین إدراک الفرد لذاته وإدراک الآخرین له (خیری، 2014).

إن أحد أهم الأهداف الرئیسة للتوجیه والإرشاد المهنی هو تعرّف الطالب إلى ذاته وما تحمله من خصائص شخصیة ممیزة، ومیول، وقدرات وقیم؛ لذا یعد التعرّف على الذّات ضرورة ملحّة من أجل أن یعی الطالب ذاته، ومتطلباتها، واحتیاجاتها، واختیار البرامج المناسبة من أجل تنمیتها. فهذه الدراسة تهدف إلى تنمیة الذّات المهنیّة لدى طلبة الصف التاسع؛ لمساعدتهم على اتخاذ قراراتهم المهنیة المستقبلیة، وذلک من خلال برنامج إرشادی جمعی قائم على الأسس التی تستند علیها نظریة الذکاءات المتعددة.

مشکلة الدراسة:

تواجه أغلب الأنظمة الدراسیة فی العالم نفس المشکلة تقریبًا عند تطبیق طرائق وأسالیب التوجیه والإرشاد المهنی، وتکمن هذه المشکلة فی صعوبة تحدید المعاییر التی یمکن الاعتماد علیها لتوزیع الطلبة على التکوینات الملائمة لهم (التخصّص) والتی تتیح لهم التوافق الاجتماعی والمهنی. فلم تعد هناک أهمیة لمعرفة الطالب لنوع المهن أو القطاعات المهنیة التی تناسبه بقدر معرفته بمستواه التحصیلی الذی سیؤهله لمتابعة دراسته فی هذا التکوین (التخصص) أو ذاک. فضمن هذا النظام لا یؤدی التوجیه والإرشاد المهنی إلا دورًا هامشیًّا وهو إعلام الطلبة أو تقدیم الاستشارات لهم فیما یخص أداءهم الأکادیمی من أجل رفع التحصیل الدراسی (کیشارد وهیتو، 2008). ولتقدیم خدمة التوجیه والإرشاد المهنی على الوجه الصحیح لابد من إعداد البرامج التدریبیة فی التوجیه المهنی، والبرامج الإرشادیة المهنیة الخاصة للطلبة لتنمیة شخصیة الطالب وذاته المهنیة، ومساعدته على الاختیار المهنی السلیم بما یحقق له الرضا المهنی الذاتی مستقبلاً، والنجاح فی العمل.

نادرًا ما یربط الطلبة الموضوعات الأکادیمیة بمهنهم المستقبلیة أو بماذا یحبون أن یکونوا فی مرحلة الرشد؟ وهذا یشکّل ضعفًا فی مفهوم الذات المهنیّة؛ وبالتالی التردد فی اتخاذ القرار. وفی بعض الأحیان نلاحظ أن اتخاذ القرار یتم من قبل الأبوین أو أحدهما، ولیس للطالب الحریّة فی اتخاذ قراراته لاسیما قرار اختیار البرنامج الدراسی فیما بعد الصف الثانی عشر(Murugami, 2010). وفی أحیان أخرى یتخذ القرار بناءً على رأی أصدقائه فی المدرسة. ومن هنا تأتی أهمیة هذه الدراسة من خلال الترکیز على ضرورة استبصار الفرد بذاته، ومعرفة میوله، وقدراته، ومهاراته وما یتمیز به من سمات شخصیة لیکون واعیًا وواثقًا فی اختیاره المهنی.

إن معظم مقاربات الاختیارات المهنیة لسلک الحیاة تتسم بخاصیتین: فهی من جهة لا تهمّ الفرد فقط، ولکنها ترکّز بدرجات متفاوتة على أحد الجوانب: التکوین (التخصّص)، والتوجیه، والتوافق المهنی. ومن جهة أخرى فهی مبنیة على التصور الإیجابی؛ لهذا السبب یمکن أن نتساءل: ألیست الغایة الأولى للتوجیه والإرشاد المهنی هی منح المسترشد الفرصة لإعادة تکوینه کشخص ضمن العلاقة الحواریة بالآخرین؟ (کیشارد وهیتو، 2008). وهذا هو أحد أهم أهداف برامج الإرشاد الجمعی.

هناک حاجة إلى التغییر من الممارسات فی عملیة التوجیه والإرشاد المهنی الحالیة، والتی ترکّز بشکل کبیر على بناء المهارات الأکادیمیة والاجتماعیة، بینما یتضاءل الاهتمام بتنمیة مفهوم الذّات ویصغر. وفی دراسة استطلاعیّة أجریت على عیّنة عشوائیة عددها 40 طالب وطالبة من طلبة الصف التاسع أظهرت نتائجها أن بعض المعلمین فی سلطنة عمان یتذمّرون لأنهم یجدون أنفسهم فی مواجهة طلبة غیر مهتمین بالتعلّم، ولا یبذلون جهدًا فی دراستهم، وقد یتصوّرون أن لا أمل لهم بأنفسهم وبالمستقبل. وقد بیّنت النتائج أیضاً أن بعض طلبة الصف التاسع لدیهم صعوبة فی تحدید أهدافهم المهنیة، وهم مترددون فیما یتعلق بخیاراتهم المهنیة، ویتضح هذا من خلال إجابات الطلبة على السؤال: ما مهنة المستقبل؟ وما المسار التعلیمی الذی یرغب الطالب فی اختیاره؟ ومن المرجّح أن یظهر لدیهم انخفاض فی مستوى إدراکهم للذّات المهنیّة، إضافة إلى أنه قد یتبادر فی أذهانهم فکرة الانقطاع عن الدراسة والبحث عن العمل. وهذه بعض أسباب اختیار هذه الفئة کعینة للدراسة.

إضافة إلى ذلک فقد کان أحد أهم توصیات الباحثین (صادق، 2016)، و(البکری، 2014)، و"بیساریک وکاری" (Pisarik & Currie, 2015)، و"هل" (Hill, 1996) فی مجال الإرشاد المهنی: إجراء دراسات تجریبیة حول مفهوم الذات المهنیة یکون الغرض منها توفیر برامج مهنیة مدروسة للطلبة.

 وقد استُخدِمَ فی هذا البحث إستراتیجیات نظریة الذکاءات المتعددة والتی تعدّ أداة مناسبة لمساعدة الطلبة على البدء بتطویر تطلعاتهم المهنیة (آرمسترونج، 2000) وفقًا للذکاءات التی یتمیزون بها. إضافة إلى ذلک فإن هذا البحث یحدد القیمة الأساسیة فی تطبیق نظریة جاردنر Gardner للذکاءات المتعددة فی الإرشاد المهنی. فرغم أهمیّة هذه النظریة وارتباطها بالإرشاد المهنی إلا أن هناک ندرة فی الدراسات والبحوث فی مجال الإرشاد المهنی التی تناولت هذه النظریة.

ویمکن بلورة مشکلة البحث فی محاولة الإجابة على السؤال الرئیس:

ما فاعلیّة برنامج إرشاد جمعی فی تنمیة الذّات المهنیة وفق نظریة الذکاءات المتعدّدة لدى طلبة الصف التاسع؟

أهداف البحث:

یهدف البحث إلى استقصاء فاعلیة برنامج إرشاد جمعی فی تنمیة الذات المهنیة وفق نظریة الذکاءات المتعدّدة لدى طلبة الصف التاسع کهدف رئیس، وتتفرع منه الأهداف التالیة:

-                    بناء برنامج إرشاد جمعی یستند إلى نظریة الذکاءات المتعددة فی تنمیة الذّات المهنیّة.

-                    بیان فاعلیة البرنامج فی تنمیة الذات المهنیة.

-                    تعرف الفروق الإحصائیة لمتغیر النوع فی مستوى إدراک مفهوم الذات المهنیة.

-                    بناء مقیاس لقیاس مستوى إدراک مفهوم الذّات المهنیّة لطلبة الصف التاسع.

-                    بیان أهمیّة نظریة الذکاءات المتعددة فی مجال الإرشاد المهنی.

فرضیّات البحث:

1- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى دلالة ( ≤ 0.05) بین متوسطات استجابات أفراد المجموعتین التجریبیة والضابطة على مقیاس مفهوم الذات المهنیة فی القیاس البعدی.

2- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى دلالة ( ≤ 0.05) فی مستوى إدراک مفهوم الذات المهنیة لدى أفراد المجموعة التجریبیة فی القیاسین القبلی والبعدی.

3- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى ( ≤ 0.05) بین متوسطات استجابات أفراد المجموعة التجریبیة فی القیاسین البعدی و المتابعة لمقیاس مفهوم الذات المهنیة.

 

 

أهمیّة البحث:

تکمن أهمیة البحث فی الجانبین النظری والتطبیقی کالتالی:

أ) الأهمیة النظریة:

1-    تُعدّ تنمیة الذّات المهنیّة لطلبة المدارس من الموضوعات الهامّة والتی تتناول أُطُر نظریّة تستند إلى الإرشاد المهنی.

2-     إبراز أهمیّة دور برامج الإرشاد الجمعی فی تنمیة الذات المهنیّة لدى طلبة الصف التاسع، وهی المرحلة التی تسبق مرحلة اختیار المواد الدراسیة.

 

ب) الأهمیة العملیة:

1-   الاستفادة من المقیاس المعدّ فی هذا البحث (مقیاس مفهوم الذّات المهنیّة).  قد یستفید منه الباحثین فی إعداد دراسات لاحقة، أو أخصائیی وأخصائیات التوجیه المهنی فی المدراس؛ لتقییم مستوى إدراک طلبتهم لمفهوم الذّات المهنیّة.

2-   الاستفادة من البرنامج الإرشادی الجمعی فی تنمیة الذات المهنیة المستند على أُسس علمیّة نظریّة مستمدة من نظریة الذکاءات المتعدّدة، ویمکن أن یطبقه أخصائیو التوجیه المهنی، ویستفید منه العاملون فی الحقل التربوی.

3-   یعدّ هذا البحث مُنبَثَق لدراسات وأبحاث أُخرى مرتبطة بموضوع البحث فی تنمیة الذات المهنیة أو التعمق فیها بشکل أدق، وهذا من شأنه سیؤدی إلى إثراء المعرفة المعلوماتیة فی هذا الجانب.

 

 

 

تعریف المصطلحات:

مفهوم الذات المهنیة

یعرف لانداین (Landine, 2013) مفهوم الذات المهنیة Vocational Self-concept بأنها: بلورة رؤیة الفرد إلى الحد الذی یتوصل فیه إلى صورة واضحة عن میوله، وقدراته، وسماته، وسلوکه المهنی.

التعریف الإجرائی لمفهوم الذّات المهنیّة: هی مجموع الدرجات لمستوى میول الطالب، ومهاراته، واستعداداته، وقیمه، ومعارفه، وسماته الشخصیة، والذی سوف یحصل علیه الباحثین من خلال إجابة المفحوصین کما یقیسه المقیاس المعدّ فی هذه البحث.

الذکاءات المتعددة

هی مجموعة من ثمانیة ذکاءات اقترحها جاردنر Gardner فی نظریته الذکاءات المتعددة وهی الذکاء اللغوی اللفظی، والذکاء الریاضی، والذکاء البصری المکانی، والذکاء الجسدی الحرکی، والذکاء الطبیعی، والذکاء الشخصی، والذکاء البینشخصی، والذکاء الموسیقی (Termiz, 2010).

 

حدود البحث:

الحدود الموضوعیة: تطبیق برنامج إرشادی جمعی مهنی لتنمیة مفهوم الذّات المهنیة وفق نظریة الذکاءات المتعدّدة.

الحدود المکانیة: تم إجراء هذه البحث على مدارس الحلقة الثانیة للتعلیم الأساسی (5-9) بمحافظة الداخلیة فی سلطنة عمان.

الحدود الزمانیة: تم تطبیق هذا البحث فی الفصل الدراسی الثانی من العام الدراسی 2017 / 2018م.

الحدود البشریة: طلبة الصف التاسع الأساسی الملتحقین بالمدارس الحکومیة التابعة لولایات محافظة الداخلیة فی سلطنة عمان.

 

الإطار النظری:

مفهوم الذات المهنیة

یُعدُّ مفهوم الذات النواة الرئیسة فی نظریة سوبر النمائیة Super's developmental theory حیث وصف سوبر النمو المهنی بأنه: عملیة النمو والتنفیذ بالنسبة لمفهوم الذات، فهو یرى أن مفهوم الذات کمزیج من الخصائص البیولوجیة، ولعب الأدوار الاجتماعیة للأفراد، وتقییم التفاعلات مع الآخرین من قبل الفرد نفسه، حیث یشیر مفهوم الذات Self-concept عند سوبر  Superإلى کیفیة ملاحظة الأشخاص لأنفسهم وحالاتهم، وکیفیة تصورهم لأنفسهم، وتفاعلهم الذی یعکس شخصیاتهم، والحاجات، والقیم، والمیول. حیث أن هذه التصورات تتغیر على امتداد الحیاة  .(Sharf, 2013)کما أن عملیة الإرشاد المهنی تستهدف تحسین مفهوم الذات عند الفرد (ربیع، 2015).

فالتفاعل مع الجماعة یساعد على نمو مفهوم الذات، کتفاعل الفرد مع الأسرة، والمدرسة، والأقران، وزملاء العمل. وبالتالی فإن مفهوم الذّات یتحقق من خلال ملاحظة الأفراد لأنفسهم وللمجتمع الذی یعیشون فیه .(Sharf, 2013)

کما یرى سوبر أن اکتشاف المهنة مطلوب فی مجالین بارزین: الذّات، وعالم العمل. وقد رکّز على اکتشاف الذات بهدف تنمیة مفاهیم الذّات المهنیّة؛ حیث إن للأفراد مفاهیم متعددة عن الذّات المهنیّة بدلًا من هویّة مهنیّة واحدة (لوبیز وسنایدر، 2014).

قدم سوبر Super نموذجًا جیدًا للتنمیة المهنیة؛ فقد حدد سلسلة من مراحل العمر المرتبطة بالتنمیة مما یؤدی إلى مجموعة من التشکیلات الشخصیة، أو مفاهیم الذات التی یمتلکها الأفراد عن أنفسهم، والعالم المحیط بهم (أبو عیطة، 2015).

کما أن بلورة مفهوم الذات المهنیّة تعنی مدى وضوح صورة الفرد عن ذاته من خلال إحساسه تجاه میوله، وقدراته، وسماته، واتجاهاته ذات الصلة بالمهنة. وبالتالی فإن الضعف فی بلورة مفهوم الذات المهنی یرتبط بوضوح مع التردد فی اتخاذ القرارات المهنیّة(Landine, 2013) .

کما أن الخبرات العملیة تزید من بلورة مفهوم الذات المهنیة Vocational Self-concept Crystallization؛ لأنها تزوّد الطلبة بالفرص لاختبار مدى مناسبة قدراتهم، ومیولهم، وقیمهم، والرضا عن بیئة العمل التی تمّ اختیارها. فمن خلال وضوح الفهم للذات سیصبح الطلبة قادرین على إضافة معلومات مهنیة فی ذاکرتهم بکل ثقة لیساعدهم ذلک على التخطیط المهنی السلیم، فی حین أن الأفراد الذین یکون فهمهم للذات أقل وضوحًا، والذین تکون توقعاتهم ومخططاتهم المعرفیة سلبیة حول مکانهم فی عالم العمل؛ فإن المعلومات الذاتیة والمهنیة قد لا تکون مفیدة، مما یعیق التخطیط المهنی لدیهم(Landine, 2013) . بالإضافة إلى أن هناک العدید من الأفراد یستمرون فی البحث عن التوافق، ولکن فی غیاب الخبرات العملیّة نادرًا ما یصلون إلى تحقیق کل عناصر الذّات وبالتالی یزید الضعف فی بلورة مفهوم الذات المهنی لدیهم (Brown, 2002).

إن مفهوم الذات المهنی المرتفع یمکّن الأفراد من معالجة المعلومات التی یتلقونها لأوّل مرة، فی حین أن هذه المعلومات نفسها مربکة للأشخاص الذین لدیهم مخطط سلبی حول إمکاناتهم المهنیة الخاصة. غیر أن بلورة مفهوم الذات المهنیّة یزداد مع التقدم فی العمر، فقد تبین أن الطلبة الأکبر عمرًا والطلبة فی الدراسات العلیا یسجلون أعلى مستوى فی التبلور(Landine, 2013) ، ویعنی ذلک أنه کلما ازداد عمر الإنسان ازداد تعرضه للخبرات العملیة، وبالتالی اتضحت رؤیة الفرد عن ذاته وازدادت بلورة مفهوم الذات المهنیّة لدیه.

وهذا ما أکّد علیه تایلور (Taylor, 1988) الموجود فی  (Landine, 2013)فی أن خبرات العمل أثناء الدراسة الجامعیة، والتدریب تساعد فی الانتقال من الدراسة إلى العمل لأنها تسهم فی زیادة بلورة مفهوم الذات المهنیة، وقیم العمل. وهذا یدلّ على أهمیّة الخبرات العملیّة فی تنمیة الذّات المهنیة. ووفقًا لتشیکیرینج وریسر(Chickering & Reisser, 1993)  المشار إلیه فی (Landine, 2013) فإن الحکم الذاتی هو أحد المجالات الرئیسة للتنمیة اللازمة لتشکیل الذات المهنیة للفرد، فمن خلال الحکم الذاتی یستطیع الفرد تقییم عناصر ذاته المهنیة وهی: المیول المهنیّة، والقدرات، والمهارات، والسمات الشخصیة، والقیم المهنیّة. ومع نمو الأفراد، واکتساب المزید من الخبرات، یصبحون أکثر استقلالیة ویزداد مستوى نضجهم المهنی (لوبیز وسنایدر، 2014).

 

  تنمیة الذات المهنیة

أحد المفاهیم المهمة فی النمو المهنی هو تنمیة الذات، ویعرّفها کل من جایسبرس ومور (Gysbers & Moore, 1974) بأنها: تنمیة الفرد من خلال تفاعل وتکامل الأدوار والمحتوى والأحداث التی عاشها فی حیاته الماضیة. فالمهنة مرتبطة بأدوار التنفیذ للفرد، والسیاقات التی یجد نفسه بها: کالبیت، أو المدرسة، أو مکان العمل، والأحداث المخطط لها وغیر المخطط لها خلال حیاته: کالتوظیف، والزواج، والوالدیة(Jigau, Tasica, Musca, Chiru, Bontariuc, Cozma & Tibu, 2007).

إن التجارب الاستکشافیة تعدُّ حاسمة کونها تسهم فی اتخاذ القرار المهنی، وتنمیة الذّات المهنیة؛ لأنها تعدّل نظرة الطلبة لأنفسهم ولعالم العمل (Landine, 2013). ویرى سوبر أن عملیات تمایز الذات، ولعب الدور، والاستکشاف، واختبار الواقع تؤدی إلى تطور مفهوم الذات. بالإضافة إلى أن تفاعل الفرد مع المجتمع، وتفاعل الفرد مع أسرته، وأصدقائه، وزملائه یؤدی إلى نمو الذات (أبو عیطة، 2015). وهذا بدوره سیسهم حتمًا فی تنمیة الذّات المهنیة.

 

  نظریة الذکاءات المتعددة

ذکر آرمسترونج (2000) أن نظریة الذکاءات المتعددة تستند إلى مبادئ أهمها:

1- کل شخص یمتلک الذکاءات الثمانیة کلها ولکن بنسب مختلفة؛ حیث تقول النظریة إن لکل شخص طاقات من الذکاءات الثمانیة کلها. فلیس من الممکن عَدّ إستراتیجیة تعلیمیة واحدة تناسب جمیع الطلبة فی کل الأوقات، فهناک تفاوت فی نسب الذکاءات الثمانیة التی یمتلکها الفرد؛ لذا فقد تکون إستراتیجیة معینة ناجحة مع مجموعة من الطلبة وأقل نجاحًا مع مجموعة أخرى.

2- یمکن للفرد أن یطوّر مستویات کل ذکاء إلى المستوى المناسب من الکفایة إذا ما توفر له التحفیز، والإثراء، والتعلیم الملائم.

3- تعمل الذکاءات معًا بطرق متداخلة ومعقدة، وتتفاعل مع بعضها بصورة مستمرة. فعندما یطبخ المرء وجبة معینة على سبیل المثال؛ فإنه یحتاج إلى ذکاء لغوی لقراءة الوصفة، وذکاء منطقی وریاضی لتحدید المقادیر، ویحتاج کذلک إلى ذکاء بینشخصی لوضع قائمة طعام ترضی أذواق الأفراد.

4- بإمکان الفرد التعبیر عن کل ذکاء بأکثر من طریقة، فقد یکون الفرد بارعًا فی جانب ما من الذکاء اللغوی کسرد القصص، ولا یکون بارعًا فی جانب آخر مثل القراءة. وهذا یعنی أن الفرد الذی لدیه مستویات مرتفعة فی ذکاء معیّن لیس بالضرورة أن یکون قادرًا على أداء جمیع الأنشطة المرتبطة بذلک الذکاء، ولکن ستکون لدیه قابلیة أکثر من غیره فی تعلّم أداء ذلک النشاط.

  نظریة الذکاءات المتعددة والإرشاد المهنی

إن دراسة قوة أو ضعف الذکاءات المتعددة لدى الطلبة یساعدنا فی تحدید المیول والاهتمامات وعرضها فی نموذج خاص، إضافة إلى ذلک فإن الذکاءات المتعددة تساعد المرشدین على توضیح أنواع المهارات الضروریة لتحدید المهن التی یضعها المسترشدون فی الحسبان. ویمکن أن تستخدم مفردات الذکاء لزیادة تقییمات الذات الواقعیة للمهارات، والقدرات فی العلاقة بین التاریخ الأکادیمی للطلبة وتطلعاتهم. ویمکن أن یتم فهم لغة الذکاءات المتعددة ببساطة من قبل أفراد الأسرة، وبالتالی یتم الترکیز على الحوار، وتنمیة نقاط القوة لدى الأبناء(Shearer, 2009) . کذلک فإن استخدام الذکاءات المتعددة تساعد الطالب على الترکیز فی أفکاره تجاه المسارات التعلیمیة، أو الفرص المهنیة لتحقیق أقصى درجات النجاح المهنی. فقد وجد شیرر(Shearer, 1997)  الموجود فی (Kerka, 1999) أنّ الطلبة الذین یکملون MIDAS profile Multiple Intelligences Developmental Assessment Scales)) مقاییس التقییم التنموی للذّکاءات المتعددة لدیهم إحساس مهنی لمهاراتهم وقدراتهم المهنیة أی أنهم یربطونها بتطلّعاتهم المهنیّة.

أضف إلى ذلک أنّ الطلبة الذین یشارکون فی أنشطة تستند إلى نظریة الذکاءات المتعدّدة یوسّعون محیط خیاراتهم المهنیّة والاستکشاف المهنی. کما أن الذّکاءات المتعدّدة تساعد الطلبة على الربط بین الذّکاءات التی یتمیّزون بها وتفضیلاتهم المهنیّة، وتشجّعهم على تنمیة الذّکاءات الأُخرى (Kerka, 1999).

 

 

الدراسات السابقة:

وتشیر الأدبیّات إلى أن للتوجیه والإرشاد المهنی دورًا أساسیًا فی تنمیة الذات المهنیة. فقد أجرى هانیجان (Hannigan, 1998)  دراسته على 442 طالبًا وطالبة یدرسون فی مؤسسات تعلیمیة مختلفة من مؤسسات التعلیم العالی بأمریکا منهم من خاضوا التدریب العملی ومنهم مَنْ لَمْ یَخُضْ بعد؛ وذلک بهدف التعرف على أثر خبرات التعلیم والتدریب فی مکان العمل على بلورة مفهوم الذات المهنیّة وعلاقته بالتعلیم الجامعی، وقد استخدم الباحث بطاریة اختبار تقیس مستویات الانسجام، ودرجة الثبات، والتمیز فی الاستفادة من التعلیم الجامعی، وبلورة مفهوم الذات المهنیّة، ومقیاس التصنیف المهنی، ومقیاس الالتزام، وتوصلت الدراسة إلى نتائج من بینها: وجود علاقة ارتباطیة موجبة بین خبرات التعلم والتدریب، وبلورة مفهوم الذات المهنیّة.

 وقد أجرى لانداین (Landine, 2008) دراسة على 167 طالبًا وطالبة من طلبة جامعة نیو برانسویک (University of New Branswick) ممن یدرسون مادة مقدمة فی علم النفس، حیث هدفت الدراسة إلى التعرف إلى أهمیة اتخاذ القرار المهنی وفق نموذج معالجة المعلومات المعرفیة لبترسون وسامبسون وریدون ولینز Petreson, Sampson, Readon and Lenz (1996) ومدى ارتباطه بمفهوم الذات المهنیة وهویة الأنا. وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج، أهمها: أن مفهوم الذات المهنیة وهویة الأنا مرتبطة ارتباطًا قویًا موجبًا باتخاذ القرار المهنی، وأن متغیرات العمر، والنوع، وعدد الأشقاء لدیها علاقة ارتباطیة قویة مع مفهوم الذات المهنیّة واتخاذ القرار.

أجرى کانج (Kang, 2009) دراسة على 206 طالبًا وطالبة من الطلبة الأمریکیین من ذوی الأصول الآسیویة الدارسین فی کلیات مختلفة بأمریکا، وذلک بهدف استکشاف أثر النوع على بلورة مفهوم الذات المهنیّة، والتعرف على العلاقة بین بلورة مفهوم الذات المهنیّة والتردد فی اتخاذ القرار مستخدمًا مقیاس التصنیف المهنی (Vocational Rating Scale VRS)، ومقیاس التردد فی اتخاذ القرار، وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج من بینها: عدم وجود فروق بین الجنسین فی مستوى بلورة مفهوم الذات المهنیة، ووجود علاقة عکسیة سالبة بین بلورة مفهوم الذات المهنیّة، والتردد فی اتخاذ القرار.

أجرى لانداین (Landine, 2013) دراسته على 202 طالبًا وطالبة من طلبة جامعة نیو برونزویک University of New Brunswick بکندا، والمسجلین فی مادة "مقدمة فی علم النفس" بهدف استکشاف العلاقة بین مفهوم الذات المهنیة، وتطور هویة الأنا، والتردد فی اتخاذ القرار المهنی. استخدم الباحث مقیاس اتخاذ القرار المهنی الذی یتألف من 18 فقرة. وعن طریق تحلیل الارتباط والانحدار کشفت الدراسة عن وجود علاقة سالبة قویة بین بلورة مفهوم الذات المهنیة والتردد فی اتخاذ القرار المهنی. کذلک کشفت الدراسة عن وجود علاقة سالبة معتدلة بین حالة الهویة والتردد فی اتخاذ القرار المهنی. وقد أوضحت الدراسة أن الهویة ومفهوم الذات المهنیة تسهمان فی خفض المشکلات المهنیة المتعلقة باتخاذ القرار لدى الطلبة.

أجرت عرفة (2013) دراستها على عیّنة مکونة من 185 طالبًا وطالبة من الصفین الأول والثانی الثانوی من الاختصاصین العلمی والأدبی فی دمشق بهدف التعرف على واقع انتشار الذکاءات المتعددة وعلاقة هذه الذکاءات ببعضها، والتعرّف على العلاقة بین الذکاءات المتعددة والتحصیل الدراسی، وإمکانیة التنبؤ بالتحصیل الدراسی من خلال هذه الذکاءات. طبقت الباحثة مقیاس میداس للذکاءات المتعددة المکون من 119 فقرة والموزعة فی ثمانیة ذکاءات، وأظهرت النتائج وجود علاقة دالة إحصائیًّا بین الذکاءات المتعددة وبعضها، وکذلک أظهرت الدراسة عدم وجود علاقة دالة إحصائیًّا بین التحصیل الدراسی وأنواع الذکاءات، وعدم إمکانیة التنبؤ بالتحصیل الدراسی من خلال أیٍّ من الذکاءات المتعددة.

أجرى بیساریک وکاری (Pisarik & Currie, 2015) دراسة تجریبیة بهدف التعرف على أثر أحلام الیقظة المتعلقة بالعمل على بلورة مفهوم الذات المهنیة. حیث اشتملت العینة على 51 طالبًا وطالبة من طلبة أحد الجامعات بأمریکا. تم اختیار مجموعتین تجریبیتین ومجموعة ضابطة. تعرضت المجموعتان التجریبیتان إلى برنامجین إرشادیین مختلفین أحدهما اعتمد على إستراتیجیات تفسیر أحلام الیقظة المتعلقة بالعمل، والآخر اعتمد على إستراتیجیات تدوین أحلام الیقظة المتعلقة بالعمل. استخدم الباحث مقیاس التصنیف المهنی (Vocational Rating Scale VRS)، ومقیاس الاتجاه نحو أحلام الیقظة، وأوضحت النتائج أن کلا المجموعتین التجریبیتین لدیهما مستوى عالٍ فی بلورة مفهوم الذات المهنیّة من المجموعة الضابطة، وأن المجموعة التجریبیة التی اعتمدت على استراتیجیة التدوین هی الأعلى فی مستوى بلورة مفهوم الذّات المهنیّة.

قامت صادق (2016) بإجراء دراسة على 18 طالبًا وطالبة من الصفین الخامس والسادس، و7 معلمات فی محافظة مسقط بهدف استکشاف کیفیة تَشَکُّل مفهوم الذات المهنیة لدى طلبة الصفین الخامس والسادس الأساسی، والتی استخدمت فیها: المقابلة، والملاحظة کأحد وسائل جمع البیانات، وأظهرت نتائج التحلیل النوعی فکرتین أساسیتین هما: المنظومة الذاتیة، والمنظومة الاجتماعیة، تتفرع منهما مجموعة من التکوینات الفرعیة التی تسهم فی تَشَکُّل مفهوم الذات المهنیة لدى الطلبة. حیث تتفرع من المنظومة الذاتیة تکوینات فرعیة هی: الهوایات، والأنشطة، والوعی بمتطلبات المهن، واعتبارات قیمیة، فی حین یتفرع من المنظومة الاجتماعیة کل من: التوجیه المحدد، والتوجیه غیر المحدد إلى عالم المهن.

أجرى کل من العوبلی وعبد الرب (2016) دراستهما على 451 طالبًا وطالبة من تخصصات متنوعة فی کلیة التربیة بجامعة إب بجمهوریة الیمن. استخدم الباحثان مقیاس ماکنزی Mckenzie، ودلت النتائج إلى أن أکثر الذکاءات شیوعًا هو الذکاء الشخصی والاجتماعی، وأن معظم الطلبة اختاروا تخصصات تتناسب مع ذکاءاتهم المتعددة، ولا توجد فروق بین الذکور والإناث لدرجات مقیاس الذکاءات المتعددة.

من خلال الدراسات السابقة یتبین لنا أن تشکل مفهوم الذات المهنیة قائم على ما یمارسه الفرد من هوایات وأنشطة، وکذلک الوعی بمتطلبات المهن والاعتبارات القیمیة التی یضعها الإنسان کمبدأ فی حیاته وهذا ما بیّنته دراسة (صادق، 2016). إضافة إلى ذلک فقد أشارت دراسة (صادق، 2016) إلى أن للتوجیه والإرشاد دورًا أساسیًا فی تشکل مفهوم الذات المهنیة، وهذا یدل على أهمیة ودور التوجیه والإرشاد المهنی فی خلق برامج لتنمیة الذات المهنیة لدى الطلبة. ویمکن أن نستدل على مدى أهمیة التوجیه والإرشاد المهنی من خلال العلاقة العکسیة بین بلورة مفهوم الذات المهنیة، والتردد فی اتخاذ القرار المهنی، کما بینته دراسة لانداین (Landine, 2008)، ودراسة کانج (Kang, 2009)، ودراسة لانداین (Landine, 2013).

وقد دلت نتائج دراسة بیساریک وکاری (Pisarik & Currie, 2015) على وجود فروق ذات دلالة إحصائیة بین المجموعات التجریبیة والمجموعات الضابطة فی بلورة مفهوم الذات المهنیّة لصالح المجموعة التجریبیة، وهذا یدل على أهمیة برامج الإرشاد الجمعی فی بلورة وتنمیة مفهوم الذات المهنیّة. وأشارت دراسة کانج (Kang, 2009) إلى عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائیة بین الذکور والإناث فی مستوى بلورة مفهوم الذات، فی حین أن برامج التعلیم والتدریب المیدانی لها أثر إیجابی فی زیادة مستویات بلورة مفهوم الذات المهنیّة وهذا ما بینته دراسة هانیجان (Hannigan, 1998) فقد أوصت دراسته إلى: الاهتمام ببرامج الإرشاد المهنی والترکیز على ضرورة التحاق الطلبة ببرامج التعلیم والتدریب العملی فی مکان العمل قبل اختیار تخصصاتهم التی سیلتحقون بها مستقبلًا.

رغم أن الذکاءات المتعددة مرتبطة ببعضها البعض إلا أنه لا توجد علاقة بینها وبین التحصیل الدراسی وهذا ما أظهرته نتائج دراسة (عرفة، 2013) وهذا مبرر أساسی فی استخدام نظریة الذکاءات المتعددة فی تنمیة الذات المهنیة فی هذه الدراسة، وخلق مسارات دراسیة تتناسب مع مختلف ذکاءات الطلبة.

أکدت دراسة (العوبلی وعبد الرب، 2016) أن أکثر الذکاءات شیوعًا بین الجنسین هما: الذکاء الشخصی والاجتماعی، وأن الذکاءات الأکثر شیوعًا الذکاء الشخصی والاجتماعی مما یدلّ أن للبیئة دورًا فی تنمیة الذکاءات المتعدّدة.

بالرغم من تعدّد الدراسات التی تناولت موضوع الذکاءات المتعدّدة وتشعبها إلّا أن هناک ندرة فی الدراسات العربیة والأجنبیة التی تناولت استخدام نظریة الذّکاءات المتعددّة فی مجال الإرشاد المهنی؛ لذا تعتبر هذه الدراسة إضافة جدیدة حول استخدام نظریة الذّکاءات المتعدّدة فی مجال الإرشاد المهنی یمکن أن یستفید منها الباحثون مستقبلاً.

 

الطریقة وإجراءات الدراسة:

اعتمدت الدراسة الحالیة على المنهج شبه التجریبی Quasi-Experimental Design؛ بهدف استقصاء فاعلیة برنامج إرشاد جمعی فی تنمیة الذات المهنیة مستند على نظریة الذکاءات المتعددة لدى طلبة الصف التاسع بمحافظة الداخلیة، حیث یهدف التصمیم فی الدراسة الحالیة إلى فحص المتغیر المستقل الذی هو البرنامج على المتغیر التابع الذی هو مفهوم الذات المهنیة لدى طلبة الصف التاسع.

 مجتمع الدراسة:

تکوّن مجتمع الدراسة من جمیع طلبة الصف التاسع الدّارسین فی المدارس الحکومیة التابعة لوزارة التربیة والتعلیم فی محافظة الداخلیة، والمسجّلین فی العام الدراسی 2017 / 2018م والبالغ عددهم 6597 طالبًا وطالبة، بینهم 3391 طالبًا، و3206 طالبة حسب إحصائیات دائرة التقویم بالمدیریة العامة للتربیة والتعلیم بمحافظة الداخلیة (وزارة التربیة والتعلیم، 2018).

عینة الدراسة:

تم اختیار العینة من خلال اختیار ولایة واحدة من بین ولایات محافظة الداخلیة بالطریقة العشوائیة البسیطة، ووقع الاختیار على ولایة إزکی، وبالطریقة العشوائیة تم اختیار مدرسة للذکور وأخرى للإناث. ولتحقیق أهداف الدراسة تم تطبیق الأداة (أداة قیاس مفهوم الذات المهنیة) على جمیع طلبة الصف التاسع بمدرستین من مدارس محافظة الداخلیة اللتین وقع الاختیار علیهما، مدرسة للبنین وهی مدرسة الأزهر بن محمد الأزکوی للتعلیم الأساسی (5-9) والتی تضم ثلاثة فصول للصف التاسع بإجمالی 88 طالبًا، وأخرى للبنات هی مدرسة إمطی للتعلیم الأساسی (5-9) وتضم ثلاثة فصول للصف التاسع بإجمالی 78 طالبة، ولعدم الحصول على متوسطات حسابیة فی المستوى المنخفض تم اختیار الطلبة الذین حصلوا على متوسطات حسابیة بمستوى متوسط فی مقیاس مفهوم الذات المهنیة والذی تراوح بین (2.33-3.65)؛ وذلک لمعرفة أثر البرنامج على المجموعة التجریبیة، وقد یعزو عدم الحصول على متوسطات حسابیة فی المستوى المنخفض إلى فاعلیّة خدمات التوجیه والإرشاد المهنی المقدّمة فی المدرستین اللتین طُبِّقت فیهما الدراسة الحالیّة، أو أنّ البیئة التی ینتمی إلیها الطلبة هی بیئة محفِّزة لإدراک مفهوم الذّات المهنیّة.

 بعد اختیار الطلبة الذین حصلوا على متوسطات حسابیة فی المستوى المتوسط فی مقیاس مفهوم الذات المهنیة، تم اختیار العیّنة بالطریقة العشوائیة البسیطة وتقسیمها إلى مجموعتین تجریبیة وضابطة.

 

التکافؤ بین المجموعة التجریبیة والمجموعة الضابطة فی القیاس القبلی

للتحقق من تکافؤ المجموعة التجریبیة والمجموعة الضابطة فی القیاس القبلی، تم استخدام اختبار "ت" للعینات المستقلّة، والجدول (1) یوضح نتائج اختبار "ت" للمجموعتین التجریبیة والضابطة فی القیاس القبلی.

 

جدول1

اختبار "ت" للمجموعتین التجریبیة والضابطة على مقیاس مفهوم الذات المهنیّة فی التطبیق القبلی

المجموعة

ن

المتوسط الحسابی

الانحراف المعیاری

قیمة "ت"

درجات الحریة عندما تکون البیانات متقاربة

مستوى الدلالة

التجریبیة

30

3.40

0.27

1.02

57.100

0.53

الضابطة

30

3.46

0.24

 

یتضح من الجدول أنه لا توجد فروق دالّة إحصائیًّا بین المجموعتین التجریبیة والضابطة فی القیاس القبلی مما یعنی أن المجموعتین التجریبیة والضابطة متجانستان.

مقیاس مفهوم الذات المهنیة

تمّ بناء المقیاس بعد الاطلاع على الدراسات والأدبیات السابقة، والذی تضمن 51 عبارة یجیب علیها المستجیب وفق التدریج الخماسی لیکرت: (5 دائمًا، 4 غالبًا، 3 أحیانًا، 2 نادرًا، 1 أبدًا) على الترتیب، حیث إن أعلى درجة ممکن أن یحصل علیها المستجیب (255) وأقلّ درجة هی (51)، وقد اشتقّ الباحثون بعض العبارات من مقاییس مختلفة منها: مقیاس تنسی Tensee لمفهوم الذات الذی قام بترجمته کل من علّاوی وشمعون عام 1983م، ومقیاس الذات الأکادیمی، واختبار لقیاس قوة الذات (عبد العظیم، 2013)، وجدول (2) یوضح العبارات التی تم اشتقاقها من المقاییس الأخرى.

احتوى المقیاس على 51 عبارة منها: 14 عبارة سلبیة و37 عبارة إیجابیة، وقد تم التحقق من الخصائص السیکومتریة للأداة.


جدول2

العبارات التی تم اشتقاقها من المقاییس الأخرى فی بناء مقیاس مفهوم الذات المهنیة

رقم الفقرة

الفقرة

المصدر

فقرة 11

أجد سهولة فی التحدث مع المدرسین وإدارة المدرسة.

(مقیاس الذات الأکادیمی)

(عبد العظیم، 2013، ص. 329)

فقرة 35

استمتع بوقت فراغی بالقراءة فی الکتب العلمیة والأدبیة

(مقیاس الذات الأکادیمی)

(عبد العظیم، 2013، ص. 327)

فقرة 39

أنا أنیق کما أود أن أکون.

(مقیاس تنسی لمفهوم الذات)

(عبد العظیم، 2013، ص. 222)

فقرة 40

أنا اجتماعی کما أود أن أکون.

(مقیاس تنسی لمفهوم الذات)

(عبد العظیم، 2013، ص. 224)

فقرة 47

أنا شخص مرح.

(مقیاس تنسی لمفهوم الذات)

(عبدالعظیم، 2013، ص. 222)

فقرة 48

أجد صعوبة بالتحدث مع الغرباء.

(مقیاس تنسی لمفهوم الذات)

(عبد العظیم، 2013، ص. 225)

فقرة 50

أعتمد على الآخرین فی حل مشکلاتی.

(اختبار لقیاس قوة الذات)

(عبد العظیم، 2013، ص. 258)

فقرة 51

تسیطر علیّ اللامبالاة عند عدم تحقیق الهدف.

(اختبار لقیاس قوة الذات)

(عبد العظیم، 2013، ص. 263)

 

ثبات الأداة:

تم التحقق من ثبات المقیاس من خلال تطبیق المقیاس على عیّنة استطلاعیّة غیر مشمولة فی الدراسة وعددها (40) طالبًا وطالبة من طلبة الصف التاسع، وتمّ حساب معامل الثّبات بطریقة کرونباخ ألفا (Cronbach's Alpha) للمقیاس ککلّ حیث بلغ (0.70)؛ وبذلک تم اعتماد تطبیقه.

صدق الأداة:

للتحقق من صدق المقیاس؛ تم عرض المقیاس على مجموعة من المحکّمین الخبراء والمتخصّصین؛ للتعرّف على آرائهم فی الأداة من حیث ملائمة الفقرات لمقیاس مفهوم الذات المهنیّة لطلبة الصف التاسع، ومدى وضوح الفقرات، وسلامة الصّیاغة اللّغویة، ومدى ملائمة الفقرات لمستویات الطلبة العمریة، وأیّ ملاحظات أو مقترحات أخرى، وتم حساب نسبة الاتفاق بین المحکّمین لکل عبارة، وعُدَّ إجماع 80% من المحکمین کافیًا لقبول العبارة، وإن قدمت ملاحظات لأکثر من 20% عدُّ ذلک کافیًا لتعدیل العبارة أو حذفها أو إضافة عبارة جدیدة، کعبارة "أنا جیّد فی صناعة الأشیاء" فقد تمّ حذفها، والفقرة العاشرة "لا أقوم بأداء واجباتی المدرسیة بإتقان ومهارة" تمّ تعدیلها إلى عبارة "لا أقوم بأداء واجباتی المدرسیة بإتقان ومهارة".

الاتساق الداخلی للأداة:

تم حساب معامل الارتباط (بیرسون)؛ لمعرفة مدى ارتباط العبارات بالدرجة الکلیة للمقیاس، وأن ارتباط الفقرات بالدرجة الکلیة للمقیاس قد تراوح بین (0.326 – 0.644)، وجمیع هذه الارتباطات ذات دلالة إحصائیة عند مستوى دلالة (≤ 0.05) مما یؤکد أن الفقرات تتسق فی قیاس ما یقیسه المقیاس.

 

برنامج الإرشاد الجمعی

-         أُعِدَّ البرنامج الإرشادی الجمعی بالاستناد إلى نظریة الذکاءات المتعددة، حیث تناول البرنامج تنمیة الذات المهنیة من خلال تنمیة الوعی الإدراکی للمیول، والقدرات، والمهارات، والسمات الشخصیة، والقیم، کذلک تم بناء البرنامج بالاستناد إلى عدد من الدراسات السابقة فی هذا المجال کدراسة کیمبروف (Kimbrough, 1981)، ودراسة هل (Hill, 1996)، ودراسة لانداین (Landine,2013)، ودراسة (البکری، 2014)، ودراسة بیساریک وکاری (Pisarik & Currie, 2015).

-         تمیّز برنامج الإرشاد الجمعی بخصوصیة وهی: لفت الانتباه إلى أهمیة الإرشاد الجمعی فی تنمیة الذات المهنیة وفق نظریة الذکاءات المتعددة.

-         استند برنامج الإرشاد الجمعی لعدد من الأسالیب والفنیّات مثل: الإصغاء، وعکس المشاعر، وعکس المحتوى، والفوریة، والتلخیص، والمواجهة، والنمذجة، والربط، وإعطاء المعلومات، ولعب الدور، والمحاضرة المصغرة.

-         هدف البرنامج إلى تنمیة الذات المهنیة لدى طلبة الصف التاسع، وذلک من خلال تقدیم نماذج وأنشطة متنوعة ومختلفة وفق نظریة الذکاءات المتعددة، وتقدیم تدریبات سلوکیة کالحوارات الذاتیة، ومراقبة الذات.

-         تکوّن البرنامج من ثلاث عشرة جلسة إرشادیة تحتوی کل جلسة على مادة علمیة تمهیدیة، وأنشطة إثرائیة متنوعة، ومناسبة للمرحلة العمریة للفئة المستهدفة.

-         مدة کل جلسة إرشادیة 60 دقیقة.

بعد الانتهاء من إعداد محتوى البرنامج، تمّ عرضه على مجموعة من المحکّمین المختصّین من الأساتذة فی علم النفس والإرشاد النفسی والمهنی. وقد تمّ الأخذ بملاحظاتهم حول البرنامج من حیث: وضوح الأهداف ونوعیة الفنیّات المستخدمة، ومناسبة الأنشطة ومدتها، ومدى ملاءمتها للمرحلة العمریة، والوسائل المستخدمة، وعُدَّ إجماع 90% من المحکّمین کافیًا لقبول ما تحتویه کل جلسة، والأنشطة التی تتضمنها، وإن قدمت ملاحظات أکثر من 10% عُدّ ذلک کافیًا للتعدیل أو الحذف أو الإضافة، وقد تم تعدیل البرنامج فی ضوء نتائج التحکیم، والذی أسهم فی إخراج البرنامج بصورته النهائیة، والجدول (3) یوضح ملخص لجلسات البرنامج.

 

جدول3

ملخص جلسات برنامج الإرشاد الجمعی لتنمیة الذات المهنیة وفق نظریة الذکاءات المتعددة

رقم الجلسة

المحور

الموضوع

أهم الأهداف

الأسالیب والفنیات

الذکاءات المتعددة

الأولى

بناء العلاقة

التعارف وبناء العلاقة الإرشادیة

1. تعارف الأعضاء على بعضهم.

2. التعرف على محتوى البرنامج الإرشادی وبناء العلاقة الإرشادیة.

الاستیضاح، الفوریة، التدویر، کشف الذات، إعطاء المعلومات.

اللغوی، البینشخصی، الضمنشخصی، الحرکی، المنطقی، الموسیقی، الطبیعی، المکانی

الثانیة

 

التعبیر عن الذات

سماتنا الشخصیة الجزء الأول

1. وعی الأعضاء بمفهوم ذواتهم.

2. التعبیر عن الذات.

3. التعرف على مکوّنات الذات المهنیة.

 

عکس المحتوى، عکس المشاعر، التعاطف، التغذیة الراجعة، التدویر.

اللغوی، البینشخصی، الضمنشخصی، الحرکی، المکانی

الثالثة

التعرف على السمات الشخصیة

سماتنا الشخصیة

الجزء الثانی

1. أن یتعرف الطالب على مفهوم السمات الشخصیة.

2. أن یتعرف الطالب على سماته الشخصیة.

عکس المحتوى، عکس المشاعر، التلخیص، التغذیة الراجعة.

اللغوی، البینشخصی، الضمنشخصی، الحرکی، المنطقی، الموسیقی، الطبیعی، المکانی

الرابعة

وصف الذات

سماتنا الشخصیة الجزء الثالث

1. أن یکتشف الطالب سماته الشخصیة التی یتمیز بها.

2. أن یصف الطالب شعوره وتقییمه لذاته بعد اکتشافه لسماته الشخصیة.

عکس المحتوى، عکس المشاعر، الاستیضاح، الفوریة، التغذیة الراجعة، الربط.

اللغوی، البینشخصی، الضمنشخصی،

الخامسة

التعرف إلى المیول المهنیة

میولی المهنیة

الجزء الأول

1. أن یتعرف الأعضاء على مفهوم المیول المهنیة.

2. أن یتعرف الأعضاء على أمثلة المیول المهنیة.

3. أن یذکر الأعضاء میولهم المهنیة.

عکس المحتوى، عکس المشاعر، التغذیة الراجعة، المحاضرة المصغرة، الربط.

اللغوی، البینشخصی، الضمنشخصی، الحرکی، المنطقی، الموسیقی، الطبیعی، المکانی

السادسة

ربط المیول المهنیة بالقرار المهنی

میولی المهنیة

الجزء الثانی

1. أن یذکر الأعضاء میولهم المهنیة.

2.  أن یدرک الأعضاء أهمیة میولهم المهنیة وربطها بخیاراتهم المهنیة.

الفوریة، التلخیص، التغذیة الراجعة، الربط.

اللغوی، الضمنشخصی، الطبیعی، المکانی

السابعة

القدرات المهنیة

قدراتی المهنیة

الجزء الأول

1. أن یتعرف الأعضاء على مفهوم القدرات.

2. أن یذکر الأعضاء قدراتهم التی یتمیزون بها.

3. أن یدرک الأعضاء أهمیة تعلّم القدرات.

4. أن یعدد الأعضاء القدرات التی یطمحون إلى اکتسابها.

عکس المحتوى، عکس المشاعر، الاستیضاح، التغذیة الراجعة.

 

اللغوی، البینشخصی، الضمنشخصی، الحرکی، المنطقی، الموسیقی، الطبیعی، المکانی

الثامنة

ربط القدرات المهنیة بالمهن

قدراتی المهنیة

الجزء الثانی

1. أن یحسّن الأعضاء قدرتهم على عمل علاقات مع الآخرین.

2. أن یدرک الأعضاء أهمیة تعلّم القدرات.

3. أن ینمّی الأعضاء روح المشارکة والعلاقات مع الآخرین.

الفوریة، التعاطف، التلخیص، التغذیة الراجعة.

البینشخصی، الحرکی، المنطقی،  المکانی

التاسعة

التعرف إلى المهارات

مهاراتی

الجزء الأول

1. أن یتعرف الأعضاء على مفهوم المهارات.

2. أن یذکر الأعضاء مهاراتهم التی یتمیزون بها.

3. أن یعدد الأعضاء المهارات التی یطمحون إلى تطویرها.

4. أن یدرک الأعضاء أهمیة تطویر مهاراتهم.

 

عکس المحتوى، عکس المشاعر، التلخیص، تقدیم المعلومات، التغذیة الراجعة.

 

اللغوی، البینشخصی، الضمنشخصی، الحرکی، المنطقی، الموسیقی، الطبیعی، المکانی

العاشرة

ربط المهارات بمهنة المستقبل

مهاراتی الجزء الثانی

1. أن یذکر الأعضاء المهن المستقبلیة لهم.

2. أن یعدد الأعضاء مهارات مهنهم المستقبلیة.

3. أن یصمّم الأعضاء خطط لتطویر مهاراتهم.

 

عکس المحتوى، عکس المشاعر، الفوریة، التعاطف، التغذیة الراجعة، النمذجة.

اللغوی، البینشخصی، الضمنشخصی، الحرکی، المنطقی، الموسیقی، الطبیعی، المکانی

الحادیة عشر

التعرف إلى القیم المهنیة

قیمی المهنیة

الجزء الأول

1. أن یتعرف الأعضاء على مفهوم القیم المهنیة.

2. أن یتعرف الأعضاء على أمثلة على القیم المهنیة.

3. أن یحدد الأعضاء قیمهم المهنیة.

الفوریة، التعاطف، التلخیص، التغذیة الراجعة، الربط.

اللغوی، البینشخصی، الضمنشخصی، الحرکی، المنطقی،  المکانی

الثانیة عشر

ربط القیم المهنیة بالمهن

قیمی المهنیة الجزء الثانی

1. أن یستکشف الأعضاء قیمهم الشخصیة والمهنیة.

2. أن یقیّم الأعضاء قیمهم الشخصیة والمهنیة.

 

الحضور، الفوریة، التعاطف، التلخیص، التغذیة الراجعة، التدویر، الربط.

اللغوی، الضمنشخصی، المنطقی

الثالثة عشر

إنهاء وتقییم البرنامج

الإنهاء والتقییم

1. أن یذکر الأعضاء الموضوعات التی تم تناولها فی البرنامج.

2. أن یدرک الأعضاء نقاط القوة التی اکتسبوها من البرنامج.

3. أن یقیّم الأعضاء البرنامج.

4. أن ینهی الأعضاء العلاقة الإرشادیة.

التلخیص، الربط، التفسیر.

اللغوی، الضمنشخصی،

البینشخصی

 

المعالجة الإحصائیة

تم استخدام الأسالیب الإحصائیة التالیة:

  1. معامل الارتباط (بیرسون)؛ لمعرفة مدى ارتباط العبارات بالمقیاس، ومدى ارتباط العبارات ببعضها.
  2. اختبار "ت" t-test للعیّنات المستقلّة؛ وذلک لمعرفة ما إذا کانت هناک فروق ذات دلالة إحصائیة بین المجموعتین التجریبیة والضابطة فی القیاس البعدی.
  3. اختبار "ت" t-test للعیّنات المترابطة للتحقق من وجود فروق ذات دلالة إحصائیة بین متوسطات استجابات أفراد العیّنة التجریبیة فی القیاسین القبلی والبعدی والمتابعة.
  4. استخدام تحلیل التباین الثنائی (Tow-way ANOVA)؛ وذلک للتعرّف إلى الفروق بین المجموعة التجریبیة، والمجموعة الضابطة، والفروق بین الذکور والإناث، والتفاعل بین النوع الاجتماعی والمعالجة.

 

عرض نتائج الدراسة:

أولًا: النتائج المتعلقة بالفرضیة الأولى:

نصت الفرضیة الأولى من فرضیات الدراسة على ما یلی: "لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى دلالة (≤ 0.05) بین متوسّط استجابات أفراد المجموعتین التجریبیة والضابطة على مقیاس مفهوم الذّات المهنیّة فی القیاس البعدی".

تم اختیار الفرض الصفری لعدم وجود دراسات سابقة قامت بقیاس مفهوم الذّات المهنیّة على عیّنة مشابهة لعیّنة البحث. وللتحقق من هذه الفرضیّة تم استخدام اختبار "ت" t-test للعیّنات المستقلّة لدرجات مقیاس مفهوم الذّات المهنیّة لدى أفراد المجموعتین التجریبیة والضابطة على القیاس البعدی، وجدول(4) یوضح ذلک.

جدول4

نتائج اختبار "ت" للعیّنات المستقلّة بین المجموعتین التجریبیة والضابطة فی القیاس البعدی لمقیاس مفهوم الذات المهنیة (ن=60)

المجموعة

المتوسط الحسابی

الانحراف المعیاری

درجات الحریّة

قیمة "ت"

مستوى الدلالة

التجریبیة

3.82

0.34

58

3.74

0.00

الضابطة

3.51

0.29

 

ویتبین من جدول (4) أن قیمة "ت" ذات دلالة إحصائیة عند مستوى دلالة (≤ 0.01)، کذلک یتضح وجود فروق ذات دلالة إحصائیة بین المتوسطات الحسابیة لمفهوم الذات المهنیّة لدى أفراد المجموعتین التجریبیة والضابطة على القیاس البعدی، حیث بلغ المتوسط الحسابی لدى أفراد المجموعة التجریبیة (3.82) أعلى من المتوسط الحسابی لدى أفراد المجموعة الضابطة (3.51)، وبذلک رفض الفرضیّة الصفریّة، وقبول الفرضیّة البدیلة.

وفی ضوء هذه النتائج یمکن القول إن برنامج الإرشاد الجمعی کان له تأثیر دالٍّ إحصائیًّا على مستوى إدراک مفهوم الذات المهنیة لدى الطلبة، کذلک أسهم فی تنمیة الذات المهنیة لدیهم. وقد یعزو تأثیر البرنامج على المجموعة التجریبیة إلى شمولیته، وعدم اعتماده على التلقین فقط؛ وإنما اعتمد على فنیّات الإرشاد الجمعی المختلفة کالاستیضاح، والعکس، وکشف الذّات، والتعاطف، وإعطاء المعلومات والتدویر، والتغذیة الراجعة، بالإضافة إلى أن البرنامج قد استند إلى استراتیجیات نظریة الذکاءات المتعددة؛ وبالتالی فقد راعى التفاوت فی نسب الذکاءات التی یمتلکها الطلبة من خلال تقدیم أنشطة مختلفة تتناسب مع جمیع المستویات.

غیر أن نظریة الذکاءات المتعددة التی استند إلیها البرنامج أعطت مجالًا أوسع لاستخدام أسالیب إرشادیة متنوعة تراعی الفروق الفردیة بین الطلبة من جانب، وتعمل على استبصار الطالب بذاته المهنیة من جانب آخر، وقد کان للعلاقة الإرشادیة والتفاعل الإیجابی والثقة بین المرشد والطلبة دور کبیر فی استمرار أثر البرنامج. کذلک کان لعدد جلسات البرنامج الإرشادی والمدة الزمنیة لتنفیذه الأثر الإیجابی الواضح أیضًا، ولعل کل هذه الأسباب مجتمعة کانت سببًا فی أثر البرنامج.

وبالرغم من أن عیّنة الدراسة ذات المستوى المتوسط لمستوى إدراک مفهوم الذّات المهنیّة إلّا أن هذا المستوى قد ارتفع بعد تقدیم البرنامج للمجموعة التجریبیة، وهذه النتیجة تؤکّد أنّ البیئة العُمانیّة بیئة محفّزة ساعدت الطلبة على تنمیة ذواتهم المهنیّة.

ثانیًا: النتائج المتعلقة بالفرضیّة الثانیة:

نصت الفرضیة الثانیة من فرضیات الدراسة على ما یلی: "لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى ( ≤ 0.05) فی مستوى إدراک مفهوم الذات المهنیة لدى أفراد المجموعة التجریبیة فی القیاسین القبلی والبعدی".

وقد تم اختیار الفرض الصفری لعدم وجود دراسات تجریبیة لقیاس مفهوم الذّات المهنیة، وللتحقق من هذه الفرضیّة تم استخدام اختبار "ت" للعیّنات المترابطة؛ وذلک للتعرّف على مدى وجود فروق ذات دلالة إحصائیة بین درجات القیاسین القبلی والبعدی لأفراد المجموعة التجریبیة لمقیاس مفهوم الذّات المهنیّة، والجدول (5) یوضح ذلک.

 

جدول5

نتائج اختبار "ت" للعیّنات المترابطة بین متوسطیّ درجات القیاسین القبلی والبعدی للمجموعة التجریبیة لمقیاس مفهوم الذّات المهنیّة (ن=30)

التطبیق

المتوسط الحسابی

الانحراف المعیاری

درجات الحریّة

قیمة "ت"

مستوى الدلالة

اتجاه الفروق

القیاس القبلی

3.40

0.27

29

7.36

0.00

القیاس البعدی

القیاس البعدی

3.82

0.35

 

ویتضح من خلال جدول (5) أن هناک فروقًا فی المتوسطات بین القیاسین القبلی والبعدی للمجموعة التجریبیة، وهذه الفروق ذات دلالة إحصائیة، فقد بلغ المتوسط الحسابی للقیاس البعدی (3.82) أعلى من المتوسط الحسابی للقیاس القبلی (3.40)، وقد بلغت قیمة "ت" (7.36) مما یعنی أن الفروق دالّة ولصالح القیاس البعدی، وبالتالی فإن هذا یقودنا إلى رفض الفرضیّة الصفریة التی تقول إنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى (≤ 0.05) فی مستوى إدراک مفهوم الذات المهنیة لدى أفراد المجموعة التجریبیة فی القیاسین القبلی والبعدی، وقبول الفرضیة البدیلة التی تقول إن هناک فروقًا ذات دلالة إحصائیة لصالح القیاس البعدی، وهذا یثبت لنا فاعلیة البرنامج الإرشادی.

وقد أظهرت نتائج اختبار "ت" للمجموعات المترابطة وجود فروق ذات دلالة إحصائیة بین القیاس القبلی والقیاس البعدی للمجموعة التجریبیة لمقیاس مفهوم الذات المهنیة، معنى ذلک أنه حدث تحسّن ونمو للذات المهنیة لدى أفراد المجموعة التجریبیة نتیجة تطبیق البرنامج على هذه المجموعة حیث کانت الفروق لصالح القیاس البعدی.

وتُعزى هذه النتیجة إلى البرنامج الإرشادی ووضوح أهدافه وأنشطته، وارتباط مکوناته بالأهداف التی تم تحقیقها، حیث رکّز البرنامج على تعریف الطلبة بذواتهم المهنیة ومکوّناتها من میول مهنیّة، ومهارات، وقدرات، وسمات شخصیّة، وقیم. ومما یدلّ على فاعلیة البرنامج احتوائه على أنشطة متعددة تناولت إستراتیجیات مختلفة لنظریة الذکاءات المتعددة، فهو مناسب لجمیع مستویات الذکاءات الثمانیة المختلفة مع الترکیز على مکوّنات مفهوم الذات المهنیّة: السّمات الشخصیة، والمیول المهنیة، والقدرات، والمهارات والقیم والمعارف، والتی تعدُّ الأساس لاختیار الفرد لمهنته. إضافة إلى ذلک فإن البرنامج ساعد الطلبة على الاستبصار بنقاط القوة التی یمتلکونها وأن أنشطة البرنامج تساعد على التحفیز الذّاتی الذی یقود الطالب إلى صناعة مستقبله فی المجال الذی یتمیّز به.

إن المجتمع العمانی یمیل إلى الجماعیّة، ویتجلّى انعکاس الهویّة الجماعیّة فی سلوک ووعی الفرد العُمانی، فنحن نلاحظ الوئام والانسجام بین أعضاء المجموعة؛ وقد یکون هذا الوئام والانسجام مستمدّ من البیئة، والذی ساعد فی تحقیق أهداف المجموعة الإرشادیة، وبالتالی نجاح البرنامج.

وجاءت هذه الدراسة متفقة مع نتائج الدراسات التی توصلت إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائیة بین القیاسین القبلی والبعدی للمجموعة التجریبیة ولصالح القیاس البعدی، ومن هذه الدراسات دراسة هل (Hill, 1996)، والتی هدفت إلى معرفة وبیان أثر برنامج إرشادی جمعی على الذوات المهنیة المحتملة والنمو المهنی لدى خمسة متطوعین تراوحت أعمارهم بین 25 و50 عامًا، وبغض النظر عن العمر فقد دلّت النتائج إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائیة بین استجابات أفراد المجموعة فی القیاسین القبلی والبعدی.

کذلک اتفقت نتیجة هذه الدراسة مع دراسة بیساریک وکاری (Pisarik and Currie, 2015) التی قاما بها للتعرف على فاعلیة برنامج إرشادی جمعی فی بلورة مفهوم الذات المهنیة، فقد دلّت نتائج هذه الدراسة إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى (≤ 0.05) فی بلورة مفهوم الذات المهنیة لدى أفراد المجموعة التجریبیة على القیاسین القبلی والبعدی لصالح القیاس البعدی، یُعزى ذلک إلى مدى فاعلیّة البرنامج المقدّم للمجموعتین التجریبیتین.

وقد اتفقت أیضًا نتائج الدراسة الحالیة مع دراسة هانیجان (Hannigan, 1998)، والتی هدفت إلى استقصاء مدى فاعلیّة برنامج یعتمد على إستراتیجیات نظریّة الذکاءات المتعدّدة فی رفع التحصیل الدراسی، وقد دلّت النتائج إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى (≤ 0.05) لدى أفراد المجموعة التجریبیة على القیاسین القبلی والبعدی لصالح القیاس البعدی.

 

ثالثًا: النتائج المتعلقة بالفرضیة الثالثة:

نصت الفرضیة الثالثة من فرضیات الدراسة على ما یلی: "لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى (≤ 0.05) بین متوسطات استجابات أفراد المجموعة التجریبیة فی القیاسین البعدی والمتابعة لمقیاس مفهوم الذات المهنیة".

وللتحقق من هذه الفرضیة تم استخدام اختبار "ت" لعینتین مترابطتین للتعرف على مدى وجود فروق ذات دلالة إحصائیة بین القیاسین البعدی والمتابعة لمقیاس مفهوم الذات المهنیة، والجدول التالی یعرض خلاصة النتائج.

 

جدول6

نتائج اختبار "ت" للعینات المترابطة لمعرفة دلالة الفروق بین درجات التطبیق البعدی

والمتابعة لمقیاس مفهوم الذات المهنیة (ن=30)

التطبیق

المتوسط الحسابی

الانحراف المعیاری

قیمة "ت"

درجة الحریّة

الاحتمالیة

اتجاه الفروق

البعدی

3.82

0.34

0.51

29

0.61

لا یوجد

المتابعة

3.81

0.33

 

ویتضح من الجدول (6) أنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة بین متوسطات درجات المجموعة لدى الذکور والإناث فی القیاسین البعدی والمتابعة لمقیاس مفهوم الذات المهنیة، حیث بلغ المتوسط الحسابی لدرجات استجابات المجموعة التجریبیة فی القیاس البعدی (3.82)، والمتوسط الحسابی لقیاس المتابعة (3.81)، وبلغت قیمة "ت" (0.51)، ودرجة الاحتمالیة (0.61)، وهذا یعنی أنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة بین التطبیق البعدی والمتابعة، وبذلک نقبل الفرضیّة الصفریّة، وعلیه یمکننا القول إن أثر البرنامج على الطلبة لا یزال مستمرًا.

إن متوسطات درجات المجموعة التجریبیة لدى الذکور والإناث فی القیاسین البعدی والمتابعة لمقیاس مفهوم الذات المهنیة کانت متقاربة فی المجموع الکلی، الأمر الذی یعنی بقاء أثر التطبیق ویؤکد فاعلیة برنامج الإرشاد الجمعی فی تنمیة الذّات المهنیّة وتحقیق أهدافه بعد مرور ثلاثة أسابیع من تطبیقه، وبقاء أثر البرنامج لایزال مستمرًا.

لقد کان لتطبیق أسالیب الإرشاد وفنیّاته دور فی نجاح البرنامج من خلال بناء الألفة، والتقبل غیر المشروط، والتعزیز بأنواعه الذی وفّر بیئة آمنة مکّنت أعضاء المجموعة الإرشادیة من التفاعل الإیجابی.

ویمکن القول أنّ المجتمع فی سلطنة عُمان متقبّل لکلّ ما هو مفید تقبّلًا غیر مشروط، ویمکن أن نستنتج ذلک من خلال بقاء أثر البرنامج الإرشادی بالرّغم من صغر سنّ أفراد العیّنة، وربّما تکون هذه المشارکة الأولى فی البرامج الإرشادیّة لبعض الأعضاء.

من خلال استعراضنا لنتائج الفرضیّات الأربعة فإن النتیجة الجوهریة والحاسمة لهذه الدراسة تبرز من خلال حاجة الطالب فی هذه المرحلة العمریة إلى بلورة مفهوم الذات المهنیة وتنمیتها من خلال تقدیم البرامج الإرشادیة المهنیّة الخاصة، والذی أثبت البرنامج فاعلیّته، ومن خلال أساسه النظری المتمثّل بنظریة الذکاءات المتعدّدة، وهی الدراسة العربیة الأولى التی استندت على هذه النظریة فی مجال الإرشاد المهنی عامة، وفی تنمیة الذّات المهنیّة خاصة. فقد أسهمت الدراسة على ربط البیئات المهنیّة التی یتوقع الطالب اختیارها مستقبلًا بمستویات ذکاءاته المتعددة وتحفیزه على تنمیتها مستقبلًا.

إن تنوّع البرنامج الإرشادی فی الأنشطة والإجراءات أوجد فی البرنامج عنصر الاستمتاع والإثارة أثناء الجلسات مما کان له دور فاعل فی تحقیق أهداف البرنامج. ومن خلال عرض ومناقشة النتائج یتضح فاعلیّة البرنامج الإرشادی الحالی فی تنمیة الذّات المهنیّة، کذلک یدلّ على أهمیة نظریة الذکاءات المتعدّدة فی الإرشاد المهنی للطلبة وهذا یتفق مع کتابات لانداین (Landine, 2013) وتوصیاته.

ولتقییم البرنامج الإرشادی المهنی المقدّم من وجهة نظر الطلبة أوضحت النتائج وبنسبة (93%) على أن البرنامج الإرشادی المهنی ساعد على الاستبصار بالذّات، واکتشاف السّمات الشخصیة، والتعرّف إلى المهارات، والقدرات، والقیم المهنیّة الشخصیّة، واکتشاف المیول المهنیّة بدرجة عالیة، وقد تم حساب هذا التقییم عن طریق استمارة تقییم الطلبة للبرنامج الإرشادی، والتی تم تقدیمها للطلبة فی نهایة البرنامج الإرشادی.

التوصیات:

فی ضوء النتائج التی أظهرتها هذه الدراسة یمکن تقدیم التوصیات التالیة:

  1. ضرورة تقدیم المعلومات المهنیة الصحیحة والمناسبة للمسترشد بما یتناسب مع نوعه الاجتماعی؛ وذلک حتى یتسنّى له بلورة الذات المهنیة لدیه واستکشاف ذاته وربطها بالبیئات المهنیة التی یمیل إلیها.
  2. تعمیم تطبیق البرنامج الإرشادی الجمعی فی الدراسة الحالیّة حول تنمیة الذّات المهنیّة لطلبة الصف التاسع على جمیع مدارس السلطنة لاسیّما وأن هذه المرحلة تفتقر من البرامج الإرشادیة المقدّمة لهم؛ حیث إن نتائج البرنامج أکدت على وجود تغیّرات إیجابیة لکل جوانب ومکوّنات الذّات المهنیّة.
  3. توصی الدراسة الحالیة المسؤولین والقائمین على قسم المناهج بوزارة التربیة والتعلیم تضمین المناهج لاستراتیجیات نظریة الذکاءات المتعددة وربطها بالجانب المهنی لتحفیز الطلبة، وبلورة مفهوم الذات المهنیّة لدیهم، وهذا یعزز الربط بین التعلیم والمهنة.

 


المقترحات:

من خلال ما أسفرت عنه نتائج الدراسة الحالیّة، وما توصلت إلیه من توصیات، تمکن تقدیم المقترحات التالیة:

  • إجراء دراسات تجریبیة عن فاعلیّة البرنامج الإرشادی الحالی لیشمل فئات ذوی الاحتیاجات الخاصة.
  • إجراء دراسة وصفیة للتعرّف على العلاقة بین مفهوم الذّات المهنیّة وعمر الإنسان، ومستواه التعلیمی.
  • دراسة العلاقة بین الخوف من المستقبل المهنی وبلورة مفهوم الذات المهنیة لدى طلبة المدارس أو طلبة الجامعات أو الکلیات.
  • إجراء مزید من الدراسات لتقییم فاعلیّة برامج الإرشاد الجمعی والتی تستهدف تنمیة الذّات المهنیة لتشمل فئات عمریة مختلفة.


المراجع

أبو عیطة، سهام درویش (2015). نظریات الإرشاد والنمو المهنی. عمّان: دار الفکر.

آرمسترونج، ثوماس (2000). الذکاءات المتعددة فی غرفة الصف (ط2). (ترجمة مدارس الظهران الأهلیة). المملکة العربیة السعودیة: دار الکتاب التربوی.

البکری، أحمد بن صالح (2014). برنامج إرشاد جمعی مقترح لتنمیة مفهوم الذات لدى الأحداث الجانحین فی دار إصلاح الأحداث بسمائل (رسالة ماجستیر غیر منشورة). نزوى: جامعة نزوى.

الخواجة، عبدالفتاح (2010). برامج الإرشاد والعلاج الجماعی. عمّان: دار البدایة.

خیری، أسامة (2014). تطویر الذات. عمّان: دار الرایة للنشر.

ربیع، محمد شحاته (2015). علم النفس الصناعی والمهنی. عمّان: دار المسیرة.

زهران، حامد عبدالسلام (1998). التوجیه والإرشاد النفسی (ط3). القاهرة: عالم الکتب.

صادق، فاطمة إحسان (2016). تشکل مفهوم الذات المهنیة لدى طلبة الصفین الخامس والسادس بمحافظة مسقط (رسالة ماجستیر غیر منشورة). مسقط: جامعة السلطان قابوس.

عبدالعظیم، حمدی عبدالله (2013). موسوعة الاختبارات والمقاییس. الجیزة: أمجاد للنشر.

عرفة، بثینة (2013). واقع الذکاءات المتعددة لدى عینة من طلبة المرحلة الثانویة وعلاقتها بالتحصیل الدراسی. مجلة اتحاد الجامعات العربیة (11)4، 11-42.

العوبلی، طه ناجی؛ وعبدالرب، عبدالله حسن محمد (2016). الذکاءات المتعددة السائدة لدى طلبة کلیة التربیة فی جامعة إب وعلاقتها بالتخصص الأکادیمی. مجلة الدراسات الاجتماعیة (48)، 101-136.

کوری، جیرالد (2016). النظریة والتطبیق فی الإرشاد الجمعی (ترجمة سهام درویش أبو عیطة ومراد علی عیسى). عمّان: دار الفکر (2017).

کیشارد، جون؛ وهیتو، میشال (2008). التوجیه التربوی والمهنی بین النظریات والتطبیق (ترجمة خالد امجیدی). الأردن: اربد. عالم الکتب الحدیث (2009).

لوبیز، شین؛ وسنایدر، ک (2003). القیاس فی علم النفس الإیجابی نماذج ومقاییس (ترجمة صفاء یوسف، میرفت شوقی، نادیة محمود، عزة خلیل، عزیزة محمد، هبة سرى، أسامة أبو سریع ومنى الصواف). القاهرة: المرکز القومی للترجمة.

وزارة التربیة والتعلیم (2018). الکتاب السنوی للإحصاءات التعلیمیة (نسخة إلکترونیة). سلطنة عمان، تم استرجاعها بتاریخ 15/2/2018م من www.moe.gov.om.

 

 

Brown, D. (2002). Career Choice And Development (4th Ed). San Francisco: Jossey-BASS.

Chickering, A. W. & Reisser, L. (1993). Education and identity. San Francisco: Jossey-Bass.

Conger, S., Hiebert, B. & Hong-Farell, E. (1994). Career and Employment Counselling in Canada (2nd Ed).Canada: Canadian Labour Force Development Board.

Gazda, M. (1978). Group Counseling Development Approach (3rd Ed). Allyn And Boston.

Hannigan, T. P. (1998). Vocational Exploratory Behavior and Its Relation to Vocational Self-concept Crystallization and Work Commitment in U. S. Undergraduates (Unpublished Doctoral Thesis). Columbia University.

Hill, A. L. (1996). Career Counseling and Possible Selves: A case Study Approach (Unpublished Doctoral Thesis). Lehigh University. United States.

Jigau, M., Tasica, L., Musca, A., Chiru, M., Bontariuc, P., Cozma, I. & Tibu, S. (2007). Career Counselling: compendium of methods and techniqes. Institute of Educational Sciences, Euroguidance-Romania.

Kang, A. E. (2009). Attachment, Family Conflict and Vocational Self-concept in the Career Indecision of Asian Americans (Unpublished Doctoral Thesis). Fordham University. New York.

Kerka, S. (1999). Multiple Intelligences and Career Development Trend and Issues. ERIC Clearing house on Adult, Career and Vocational Education. The Ohio State University.

Landine, J. R. (2008). Identifying the Cognitive Variables that Moderate the Occupational Decision-Making Process (Unpublished Doctoral Thesis). University of Toronto. Canada.

Landine, J. R. (2013). The Relationship between Vocational self-concept, Ego-Identity Development and Vocational Decision-Making. The Canadian Journal of Career Development 12 (2) 5-18.

Murgami, M. W. (2010). Vocational Self-concept and Decision-Making Self-efficacy of learners with Visual Impairment in Kenya (Unpublished Doctoral thesis). University of South Africa.

Pisarik, C. T. & Currie, L. K. (2015). Recording An  Interpreting Work-Related Daydreams: Effects on Vocational Self-concept Crystallization. The Career Development Quarterly (63) 223-237.

Sharf, R. S. (2013). Applying Career Development Theory to Counselling (6th Ed). Brooks/Cole Cengage learning.

Shearer, C. B. (2009). Exploring the Application of Multiple Intelligences Theory to Career Counseling. The Career Development Quarterly (58), 3-13.

Termiz, N. (2010). An Action Research on Program Development Process For Determining Multiple Intelligences of 1st, 2nd,and 3rd Graders (Unpublished Doctoral Thesis). The Middle East Technical University. Turkish.